الموقع يعمل في وضع الاختبار!
24 يونيو, 2025   |   28 ذُو ٱلْحِجَّة, 1446

مدينة طشقند
الفجر
03:05
شروق
04:51
الظهر
12:31
العصر
17:41
المغرب
20:03
العشاء
21:42
Bismillah
24 يونيو, 2025, 28 ذُو ٱلْحِجَّة, 1446

صحة الحاج - كمال العبادة

11.06.2024   687   5 min.
صحة الحاج - كمال العبادة

  يتم تنظيم الخدمات الروحية والمعرفية والطبية على مستوى عالٍ لحجاج بلادنا لتحقيق الركن الخامس من ديننا على أكمل وجه كل عام

 وهناك حاجة ملحة لتقديم الخدمات الطبية لمجموعات الحجاج الذين يأتون من مسافات بعيدة إلى الأرض المباركة ذات المناخ الجاف والحار.  لأنه إذا لم تكن هناك صحة فلن تكون هناك راحة في العبادة.  ويؤثر المرض على الوقت الثمين الذي يقضيه في الأرض المقدسة.  وعلى هذا فمن خلال الاهتمام بصحة الحجاج يتم مساعدتهم على أداء فريضة الحج بشكل جميل ورائع

  والحجاج مسؤولون بالدرجة الأولى عن صحتهم وحيويتهم وقدرتهم على التحمل وكذلك البعثة الطبية. ولذلك يرافق 50 طبيبًا من المستوى العالي  لخمسة عشرة 15000 حاج بأمر من حكومتنا لمراقبة صحتهم باستمرار. ويتم تعيين الأطباء لكل رحلة وسيتلقون المعلومات حول صحة حجاجنا حتى وصولهم إلى الوطن الأم

  والكوادر الطبية في خدمة الحجاج على مدار الساعة.  ويفحص صحتهم كل يوم ويقدم لهم المساعدة والنصائح والأدوية اللازمة.  وفي حالة الحاجة يذهبون إلى غرفة الحاج ويقدمون المساعدة

   ويضم فريق الأطباء المتخصصين مثل طبيب القلب وأخصائي الإنعاش وأخصائي الرضوح وأخصائي الأوبئة وطبيب التخدير وطبيب الأسنان وأخصائي الأنف والأذن والحنجرة وأخصائي الغدد الصماء والجراح وأخصائي المسالك البولية وطبيب أمراض النساء والتوليد. ومن بينهم 5 حاصلون على درجة دكتوراه في العلوم، و3 منهم على درجة أستاذ و7 على درجة دكتوراه في العلوم

يعمل هؤلاء العاملون الطبيون في سبعة 7 فنادق يقيم فيها حجاجنا في مكة المكرمة و  ثلاثة منها لديها مرافق منفصلة للمرضى الداخليين للرجال والنساء، وتم إنشاء أربعة مراكز طبية وأربعة سيارات إسعاف في الخدمة.  ويتم توفيرالغرف والمعدات خدمة منفصلة لبعض الطرق.  وعلى سبيل المثال في غرفة طبيب الأسنان يتم تجهيز جميع الظروف لعلاج الأسنان والحشو ولصق الأسنان المكسورة والمزاحة وإظهار الجراحة وخلع الأسنان. وحتى أن بعض المعدات يتم تعقيمها وتسليمها في صناديق خاصة ذات مدة صلاحية تتراوح من شهر إلى ثلاثة أشهر

   ويمكن علاج ما مجموعه  ثمانون 80 مريضًا في نفس الوقت في مراكز الخدمة الطبية هذه.  ولديهم أيضًا المعدات اللازمة للعلاج وجميع مرافق الرعاية الطبية الطارئة. وعلى وجه الخصوص، تم جلب ما يكفي من الأدوية من بلادنا لتقديم الإسعافات الأولية لجميع أنواع الأمراض

  ومن الجدير بالذكر أن هذه المراكز الطبية تقدم خدماتها في خيام في أودية منى وعرفات ومزدلفة، حيث يتم أداء أركان الحج الأساسية  وفي السنوات الماضية أعربت وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية عن تقديرها الكبير لأنشطة المراكز الطبية في مكة والمدينة، التي تم إنشاؤها لحجاج أوزبكستان، وحصلت المجموعة الطبية الأوزبكية على الجوائز الواجبة في مناسبات مرموقة.  وهذا تقدير كبير لعمل فريق الأطباء في أوزبكستان

  ونعرض هنا توصيات أطبائنا المؤهلين فيما يتعلق بالرعاية الصحية للحجاج

-  التطعيم بالأدوية ضد الأمراض البكتيرية والفيروسية أثناء الاستعداد للحج

 - التوزيع المعتدل للحج والعبادة والراحة وأنماط النوم من أجل منع ارتفاع الضغط البدني والعاطفي؛

 - الامتناع عن شرب الماء البارد عند الشعور بالحرارة أو التعرق؛

 - الاستخدام السليم للثلاجات في المناطق السكنية، وخاصة غرف التبريد في حالة عدم تواجد أحد، وتجنب القفازات عند استخدام الثلاجات؛

 -  تجنب التجمع بأعداد كبيرة في غرف مغلقة، ولا تبقى تحت أشعة الشمس المباشرة لفترة طويلة، واستخدم المظلة؛

 - اتباع نظام غذائي وتناول الأطعمة السائلة ومنتجات الألبان والخضروات؛

 - استشارة الطبيب المعالج قبل الحج، وتناول الأدوية الموصوفة لأصحاب الأمراض المزمنة

 - جب على النساء المصابات بأمراض نسائية تجنب الإجهاد الجسدي والعقلي واستشارة طبيب أمراض النساء

 - جهيز بطانيات أو شراشف للتغطية ليلاً بسبب انخفاض درجات الحرارة، ويكون الهواء رطباً ومغبراً في منى ومزدلفة

 إن عمل الأطباء على مدار الساعة خلال موسم الحج هو مثال على التفاني الحقيقي.  إنهم يحشدون كل قوتهم وعملهم من أجل صحة الحجاج وببطولة حقيقية يشفون آلام المرضى

 جزى الله خيراً للأطباء على إخلاصهم في مهنتهم

 

 

خدمة الصحافة لإدارة مسلمي اوزبكستان

Ar
مقالات أخرى
مقالات

السيوطي وتكامل النظرة الوضعية

20.06.2025   7935   10 min.
السيوطي وتكامل النظرة الوضعية

جمع الإمام جلال الدين السيوطي (ت. 911هـ) في رؤيته لمفهوم الوضع بين المعالجة النحوية الدقيقة والتحليل الكلامي العميق، فاستفاد من منهجَي الطائفتين ليقدّم تصورًا متكاملًا لهذا المفهوم المحوري. فقد عرّف الوضع بأنه "جعل اللفظ بإزاء المعنى أولًا"[1]، موضحًا بذلك أن الوضع هو بداية بناء الدلالة في الذهن واللسان، ويقوم على اتفاق جمعي إرادي يُعطي للفظ مدلوله الخاص. وقد أورد هذا التعريف ضمن كتابه الموسوعي "المزهر في علوم اللغة وأنواعها"، حيث خصص فصلًا مستقلًّا لأنواع الوضع، ناقش فيه أدواته وأنماطه ومجالات استعماله، معتبرًا أن هذا الفعل الذهني الاجتماعي يمثّل الحلقة الأولى في نشأة النظام اللغوي، ويُبرهن على أن اللغة نتاج تفاعل بين الاستعداد الفطري والاجتهاد الإنساني. ومن خلال هذا المنظور، قدّم السيوطي نظرية متوازنة لا تُقصي التوقيف، ولا تُهمل الاجتهاد، بل تجمع بينهما ضمن إطار معرفي دلالي منفتح.

وسار السيوطي على نهج وسطي يوازن بين التفسير التوقيفي الذي يُعلي من شأن الفطرة والإلهام، والتفسير الاصطلاحي الذي يركّز على التواضع البشري والتجربة الجماعية، فهو لم يُقصِ أثر البعد الإلهي في تعليم اللغة، لكنه في الوقت ذاته لم يغفل أثر الاجتهاد والعرف في بناء الدلالة، مؤكدًا أن اللغة نتاج تداخل بين الموهبة الفطرية والفاعلية الاجتماعية للمتكلمين.

كما ناقش السيوطي بتفصيل ظاهرة المشترك اللفظي، مبينًا أن الكلمة الواحدة قد تُستخدم لمعانٍ متعددة بحسب السياق، مما يستدعي النظر إلى السياق بوصفه محددًا أساسيًّا للمعنى. وقد أبرز دور السياق اللغوي والعقلي في توجيه الدلالة وتحديد المقصود من اللفظ، وهو ما يعكس تطور فهم الوضع إلى مستوى أكثر تركيبًا، يدمج بين البنية اللفظية والنية الخطابية والظروف المقامية، ويُمهّد لمفهوم تعدد المعنى المرتبط بالاستعمال.

علم الوضع في العصر الحديث

شهد العصر الحديث نهضة جديدة لعلم الوضع ضمن الإطار النظري للّسانيات المعاصرة، حيث أعيد النظر في كثير من مفاهيمه التراثية وأُعيد دمجها ضمن مقاربات علم العلامات (السيميائيات)، خاصة مع التداخل القوي بين اللسانيات والدراسات الفلسفية. وقد ساهم عدد من الباحثين العرب المعاصرين في إبراز أهمية علم الوضع، ومن أبرزهم الباحث العراقي محمد ذنون الراشدي، الذي قدّم قراءة تحليلية معمّقة لموقع هذا العلم في التراث اللغوي، حيث كتب في مقاله:

 "إن علم الوضع في التراث العربي يتميّز بصرامة منهجيّة وثراء دلالي لا يقلان عمّا طُرح في اللسانيات الغربية الحديثة، بل يُعدّ في كثير من جوانبه سابقًا لها من حيث التصور النظري والدقة التحليلية، كما أنه يُمثّل إحدى اللبنات التأسيسية لفهم بنية العلامة اللغوية في الفكر الدلالي، وذلك من خلال تناوله لمفاهيم الدال والمدلول والموضوع له بطريقة تقارب ما أرساه لاحقًا فلاسفة اللغة في الغرب"[2].

وقد أشار إلى أن مفاهيم مثل الدلالة، والمفهوم، والموضوع له، واللفظ، كلها مفاتيح للوصول إلى فهم شامل للغة. شهد العصر الحديث نهضة جديدة لعلم الوضع ضمن الإطار النظري للّسانيات المعاصرة، حيث أعيد النظر في كثير من مفاهيمه التراثية وأُعيد دمجها ضمن مقاربات علم العلامات (السيميائيات)، خاصة مع التداخل القوي بين اللسانيات والدراسات الفلسفية. وقد ساهم عدد من الباحثين العرب المعاصرين في إبراز أهمية علم الوضع، ومن أبرزهم الباحث العراقي محمد ذنون الراشدي، الذي قدّم قراءة تحليلية معمّقة لموقع هذا العلم في التراث اللغوي.

مراحل تطور علم الوضع

لقد مرّ علم الوضع منذ نشأته بتطور تدريجي عميق شمل المفاهيم والمنهج والتطبيق، ويمكن تقسيم هذا التطور إلى خمس مراحل رئيسية، تميزت كل واحدة منها بإسهامات نوعية على المستوى المعرفي والمنهجي:

مرحلة التمهيد والنشأة (القرنان الثاني والثالث الهجري): في هذه المرحلة ظهر علم الوضع في سياق الجدل حول أصل اللغة، وبرز ضمن مباحث النحو وأصول الفقه. وقد ناقش العلماء العلاقة بين اللفظ والمعنى، وظهر اتجاهان رئيسيان: التوقيفي الذي يرى أن اللغة من وحي إلهي، والاصطلاحي الذي يرى أن الوضع نتاج تواضع بشري. ومن أبرز من ناقش هذا الجانب ابن فارس (ت. 395هـ)، حيث قال في "الصاحبي": "أصل اللغة توقيف من الله جلّ وعز"[3]، وقد خالفه في ذلك الجبائي المعتزلي حين اعتبر أن "الوضع فعل عقلي يقوم على ملاءمة اللفظ للمعنى"⁸، مما يشير إلى تباين الرؤى في هذه المرحلة.

مرحلة التنظير الفلسفي والكلامي (القرنان الرابع والخامس الهجري): بدأ علم الوضع يكتسب استقلالًا نسبيًا من خلال معالجة فلاسفة الإسلام كابن سينا والفارابي، حيث نوقشت مسألة الوضع من منظور العقل والمنطق، وظهرت مفاهيم الوضع الذاتي والجماعي، وتم ربط الوضع بطبيعة المعرفة والإدراك. وقد أكد الفارابي (ت. 339هـ) في كتابه "إحصاء العلوم" أن "الوضع هو جعل الشيء بإزاء شيء بإرادة المتكلمين"[4]، وهو تعريف يكشف عن طبيعة التواضع الجماعي بوصفه فعلًا عقلانيًا تواصليًا.

مرحلة التصنيف والتقعيد البلاغي (القرنان السادس إلى الثامن الهجري): برز في هذه المرحلة دور البلاغيين والأصوليين كالتفتازاني والسكاكي والسيوطي، الذين وضعوا تقسيمات دقيقة للوضع من حيث عموميته وخصوصيته، وربطوه بالأساليب البيانية والمجازية، مما أدى إلى إثراء النظرية اللغوية وتوسيع دائرة تطبيقاتها. وقد أشار السكاكي (ت. 626هـ) في "مفتاح العلوم" إلى أهمية الوضع في تأسيس العلاقة بين الحقيقة والمجاز، واعتبر أن "فهم المجاز يتوقف على معرفة الوضع الأولي"[5].

مرحلة التكامل المنهجي والتوسّع الموسوعي (القرن التاسع الهجري): شهدت هذه المرحلة نضجًا نظريًّا لعلم الوضع في مؤلفات موسوعية مثل المزهر للسيوطي، حيث تم دمج بين الفقه اللغوي، والمنطق، والبلاغة في بناء نظرية وضعية متماسكة. وتم التمييز بين الوضع الأولي والاستعمال المجازي، وبين الوضع الخاص والعام، مما شكّل قاعدة صلبة للدراسات اللاحقة. وقد أشار السيوطي إلى أن "الوضع لا ينحصر في اللغة بل يتعداها إلى كل نظام رمزي يُنشأ بالتواضع"[6].

مرحلة التوظيف اللساني الحديث (القرن العشرون إلى اليوم): أعيد النظر في كثير من مفاهيم الوضع ضمن اللسانيات المعاصرة، خصوصًا في علم الدلالة والسيميائيات. وتم تبيين مدى سبق التراث العربي الإسلامي في طرح مفاهيم تُعد اليوم مركزية في علم اللغة، مثل العلاقة بين الدال والمدلول، وتعدد المعنى، والسياقية. وقد أشار تمام حسان (ت. 2011م) في كتابه "اللغة العربية معناها ومبناها" إلى أن "مفهوم الوضع كما طرحه ابن جني وابن سينا يُعد نواة لعلم العلامات الحديث"[7].

وبهذا، فإن علم الوضع تطوّر من كونه أداة تفسيرية في علم أصول الفقه إلى أن أصبح علمًا مستقلاً ذا طابع تركيبي ومعرفي، يستند إلى أبعاد لغوية، عقلية، واجتماعية، مما يجعله من أكثر العلوم التراثية اتساعًا وتأثيرًا.

 

يخشيبايوف محمد سعيد محمود

من صف الرابع. الفصل-405

 

[1] جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (849هـ - 911هـ): إمام محدث وفقيه ومؤرخ ولغوي موسوعي، له أكثر من 500 مؤلف، من أبرزها "المزهر في علوم اللغة وأنواعها"، القاهرة: مكتبة دار الكتب المصرية، 1320هـ، ص 45.

 

[2] محمد ذنون يونس فتحي الراشدي، "علم الوضع وأثره في الفكر اللغوي قديمًا وحديثًا"، مجلة كلية العلوم الإسلامية، جامعة بغداد، مجلد 8، عدد 15، 2014م، ص 121. (محمد ذنون الراشدي هو باحث عراقي معاصر، متخصص في قضايا الدلالة واللغة، أستاذ في جامعة بغداد، وله مؤلفات ومقالات علمية تهتم بجذور الفكر اللساني العربي ومقارنته بالنظريات الغربية الحديثة

[3] أحمد بن فارس بن زكريا (ت. 395هـ): لغوي ومعجمي فارسي الأصل، صاحب كتاب "الصاحبي"، من أبرز دعاة التوقيف في أصل اللغة، بيروت: دار الكتب العلمية، 1997م، ص 45.

[4] أبو نصر محمد بن محمد الفارابي (ت. 339هـ): فيلسوف الشرق، ومؤسس المنهج الفلسفي الإسلامي، ومن أشهر كتبه "إحصاء العلوم"، القاهرة: دار الفكر العربي، 1949م، ص 58.

[5] يوسف بن أبي بكر السكاكي (ت. 626هـ): عالم لغوي وبلاغي، صاحب كتاب "مفتاح العلوم" الذي أسّس لعلوم البلاغة، بيروت: دار الكتب العلمية، 2000م، ص 312.

[6] جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، (نفس المرجع أعلاه)132. ص 

[7] تمام حسان (1918م – 2011م): لُغوي مصري معاصر، صاحب نظرية الدلالة السياقية، من أشهر كتبه "اللغة العربية معناها ومبناها"، القاهرة: دار الثقافة، 1979م، ص 174.

 

Ar